فجاؤوا يريدون تنفيذ
الخطة، ملثمين على رواحلهم، يريدون مضايقة الرسول صلى الله عليه وسلم في رأس
العقبة؛ حتى يسقط عن راحلته بزعمهم.
فأمر النبي صلى الله
عليه وسلم حذيفة أن يردهم عنه، وكان معه محجن، فأقبل عليهم يضرب وجوه رواحلهم،
ولما رأوا حذيفة رضي الله عنه، زاد رعبهم، فعرفوا أنه قد انكشفت خطتهم؛ لأن حذيفة
يعرف المنافقين، فرعبوا لما رأوا حذيفة.
وجعل يضرب وجوه
رواحلهم، حتى رجعوا على أعقابهم، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سالمًا، ونجا
من مكرهم، وفضحهم الله بقوله تعالى: ﴿يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ
ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ﴾ [التوبة: 74]،
فقوله تعالى: ﴿وَهَمُّواْ
بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ﴾؛ أي: وهموا بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم لم ينالوا
ذلك؛ لأن الله عز وجل حمى رسوله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله، نجى الله
رسوله صلى الله عليه وسلم، وخيب المنافقين.
وهذا فيه فضيلة
لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه-، وفيه شجاعته رضي الله عنه.
وقوله: «فرعبوا حين
أبصروا حذيفة»؛ لأن حذيفة رضي الله عنه يعرف المنافقين، وإن كانوا ملثمين،
يعرفهم، ويعرف رواحلهم.
وقوله: «فأسرعوا حتى خالطوا الناس»؛ أي: رجعوا لما ضرب حذيفة رضي الله عنه بمحجنه وجوه رواحلهم، نكصوا على أعقابهم، حتى دخلوا في الناس، واختفوا.