×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى إذا كان بينه وبين المدينة ساعة، وكان أهل مسجد الضرار أتوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلة والليلة المطيرة، ونحب أن تصلي فيه. فقال: «إني على جناح سفرٍ، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم»، فجاءه خبر المسجد من السماء، فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عديًّ، فقال: «انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدماه وحرِّقاه بالنار»، فخرجا مسرعين حتى أتيا بني سالمٍ،

*****

 قوله صلى الله عليه وسلم: «أكره أن يتحدث الناس معها أن مُحمدًا قد وضع يده في أصحابه»، الرسول صلى الله عليه وسلم ترك قتلهم، مع أنهم فعلوا فعلاً يقتضي ردتهم وكفرهم، والمرتد يقتل، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم درأ ذلك؛ لكي لا يتحدث الناس الذين لا يعرفون الواقع، ولئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه.

فهذا فيه ارتكاب أخف الضررين؛ لدفع أعلاهما، وإلا هم مستحقون للقتل، ولكن لو قتلهم، لقال الناس - لاسيما المنافقون-: إن محمدًا يقتل أصحابه. فيكون في هذا تنفير من الإسلام والدخول فيه.

وهذا كان في حياته صلى الله عليه وسلم، وأما بعد موته، فإذا ثبتت الردة على شخص، إذا لم يتب، لابد من قتله؛ حدَّا من حدود الله سبحانه وتعالى.

وقوله: «ثم أمره بكتمانه» أمر حذيفة رضي الله عنه بكتمان ذلك؛ لأنه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بني سالم بن عوف هم قوم مالك بن الدخشم، وهم أهل قباء.


الشرح