فقال مالك لمعن:
أنظرني؛ حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل فأخذ سعفًا فأشعل فيه نارًا، ثم خرجا
يشتدان، حتى دخلاه وفيه أهله، فحرَّقاه وهدماه، وتفرق عنه أهله.
فأنزل الله
سبحانه: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾
[التوبة: 107] ([1]).
*****
وأصل هذا: أن رجلاً
من المنافقين كان نصرانيًا، متنصرًا، يقال له: أبو عامر الراهب؛ لأنه كان يظهر
التعبد والتنسك على دين النصرانية.
فلما هاجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أغاظه ذلك غيظًا شديدًا، وتضايق من رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فهرب إلى الشام.
وقد سماه النبي صلى
الله عليه وسلم أبا عامر الفاسق ([2])، هرب إلى الشام،
وأوعز إلى أصحابه المنافقين أن يبنوا بناءً يكون كالمركز لهم، يجتمعون فيه،
ويتآمرون فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، وسموه مسجدًا؛ من
باب التستر على خطتهم.
وقالوا: إن قصدنا من هذا المسجد أن العاجز والليلة المطيرة نصلي فيه، ولا نذهب إلى مسجد قباء؛ لأن بيننا وبينه الوادي، فإنما بنيناه للحاجة، ولأجل غرض صحيح، النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، طلبوا منه
([1]) انظر قصة مسجد الضرار في سيرة ابن هشام (2/529- 530)، وتفسير الطبري (11/673)، وتفسير القرطبي (8/53).