×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ»، إلى آخره، قد يتعلق به الجبري ، ولا متعلق له به، وإنما هو مثل قوله: «وَاللَّهِ لاَ أُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا، وَلاَ أَمْنَعُ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ» ([1])،

*****

 قوله صلى الله عليه وسلم للأشعريين لما حملهم: «مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ»، فالجبرية - وهم الذين يقولون: إن العبد مجبور، وليس له اختيار - يتعلقون بمثل هذا الحديث.

وفي قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ [الأنفال: 17]، يتعلقون بهذا، ويقولون: إن العبد مجبور، ليس له اختيار.

هذا كذب، هذا مذهب باطل؛ لأن المقصود أن الذي جاء بالمال هو الله جل وعلا، وأما الذي حملهم، فهو الرسول صلى الله عليه وسلم، لما جاءه المال.

وأما قوله تعالى: ﴿وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ، فالرسول صلى الله عليه وسلم رمى بالقبضة من التراب على المشركين في بدر، فانهزموا، الرسول صلى الله عليه وسلم فعل السبب - وهو الرمية-، لما أمره الله بذلك، وأما قوله تعالى: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ، فمعناه: الإصابة. فالإنسان قد يرمي، ولا يصيب، وقد يرمي ويصيب، فالعبد يفعل السبب، وأما حصول النتيجة، فهذا راجع إلى الله سبحانه وتعالى، لذا يجب أن تعرف هذه المسألة؛ لأنها مسألة عظيمة مهمة.

قوله: «حَيْثُ أُمِرْتُ»؛ أي: يمشي على ما شرعه الله عز وجل له، وليس معناه: أنه مجبور، لا يعطي ولا يمنع لأنه مجبور، لا؛ بل معناه: أنه لم يؤمر بإعطاء بعض الناس، وأُمر بإعطاء البعض الآخر.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3117).