ومنها: أنه صلى
الله عليه وسلم كان يجمع بين الصلاتين في السفر.
*****
قوله: «ولا يدخل عليهم
إلا أن يكون باكيًا معتبرًا»؛ أي: لا يدخل عليهم في بيوتهم؛ لأن بيوتهم باقية،
منحوتة بالجبال على ما كانت عليه؛ عبرة للمعتبرين.
فالزائر يتجنبها،
ويبتعد عنها، إلا إذا أراد أن يطلع، فيكون باكيًا، لا يكون فرحًا، وأنه في نزهة
وما أشبه ذلك، لا هذا لا يجوز؛ لأنه يصاب وهو لا يدري، يصاب في قلبه، يصيبه من
عذابهم، يصيبه في قلبه الريب والشك ومحبة الكفار وتعظيم الكفار.
«ومنها»؛ أي من فوائد هذه
الغزوة، مشروعية الجمع بين الصلاتين في السفر، أما جمع التأخير فهذا محل إجماع،
وأما جمع التقديم فهذا محل خلاف.
وثبت أن الرسول صلى
الله عليه وسلم جمع في عرفة جمع تقديم، ثبت هذا عنه صلى الله عليه وسلم.
وورد في غزوة تبوك
-كما في حديث معاذ رضي الله عنه -: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله
عليه وسلم عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يَجْمَعُ الصَّلاَةَ، فَصَلَّى
الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، حَتَّى
إِذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلاَةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ
وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَلَّى
الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» ([1]).
أي: إذا دخل وقت الأولى قبل أن يشرع الإنسان في السفر؛ فإنه يجمع جمع تقديم.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (706).