ومنه: العلم بأن
المبتلي أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه لم يبتله ليهلكه، بل ليمتحن إيمانه،
وليسمع تضرعه، وليراه طريحًا ببابه .
*****
إنما يجزع الكافر
ضعيف الإيمان، هو الذي يجزع، أما المؤمن، فإنه لا يتأثر تأثرًا يظهر منه السخط
والجزع، هو يتأثر ويتألم ويحزن، لكن هذا بغير اختياره، ويؤجر عليه، يؤجر على
الحزن، ويؤجر على دمع العين، يؤجر عليه، لكن يعذب باللسان واليد، فلابد أن يمسك لسانه
عن الجزع والشكاية، ويمسك يده عن لطم الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية.
يعلم أن الله سبحانه
وتعالى لا يريد أن يعذبه بهذه المصيبة، وإنما يريد أن يرحمه، وأن يكفر عنه من
سيئاته، وأن يبدله خيرًا منها، فهذا مما يسليه عن مصيبته، إذا تذكر رحمة أرحم
الراحمين.
ويعلم أن الله
يرحمه؛ لأنه عز وجل لا يريد تعذيبه بهذه المصيبة، إنما يريد مصلحته، وتطهيره،
وتنقيته، وتكفير سيئاته.
قوله: «المُبتلي»
هو الله جل وعلا، المبتلي الذي أوقع بك البلوى والمصيبة هو الله، وهو أحكم
الحاكمين سبحانه وتعالى، لا يجري شيء عبثًا بدون حكمة، ما أجراه عليك، إلا لحكمة
عظيمة.
إذا أصابته مصيبة،
وقال كما جاء في قوله تعالى:﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾ [البقرة: 156]،
الله يسمع كلامه هذا.
فهناك فرق بين الذي يقول: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾ وبين الذي يسخط، ويتكلم بالكلام السيء؛ واعضداه، وافلان وفلان.