وقال الله تعالى:
﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ
ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58].
*****
فلذلك أنزل الله جل
وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ
ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَٰتٖ فَلَا
تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ﴾ [الممتحنة: 10].
قوله: ﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ
بِإِيمَٰنِهِنَّۖ﴾؛ يمكن أن لا يكن مؤمنات، لكن يردن الفرار من أزواجهن ومن الكفار، لا من
أجل الإسلام، وإنما من أجل التخلص الظلم ومن التضييق.
وقوله: ﴿فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ﴾؛ أي: بعد الامتحان.
وقوله: ﴿فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى
ٱلۡكُفَّارِۖ﴾؛ دل على أن الفرق بين المرأة والرجل في هذا الأمر، لكن يعطى زوجها الكافر
مهره الذي دفعه؛ لقوله تعالى: ﴿وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْۚ﴾ [الممتحنة: 10]،
هذا من العدل.
أي: إذا أراد ولي
أمر المسلمين نقض العهد الذي بينه وبين الكفار، فلا ينقضه مفاجأة، أول شيء لا
ينقضه إلا لسبب يقتضي نقضه، فإذا تحقق سبب النقض، فإنه لا يفجؤهم؛ بل يعطيهم
الإنذار أنه ينقض العهد بينهم، أو انتهى العهد الذي بينهم، ويعطيهم مهلة؛ حتى
يرتبوا أنفسهم.
الإسلام دين وفاء، وليس دين غدر، في هذا رد على هؤلاء الجهال المتشددة الذين يأخذون الأمور من غير فقه، ومن غير روية، وإذا قيل لهم في ذلك، قالوا: أنتم متساهلون، أنتم مداهنون، أنتم لا تجاهدون في سبيل الله، أنتم وأنتم. بل يجب أن يُفهموا هذه الأمور.