×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

 وقام رجل، من الليل وبكى، ثم قال: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالْجِهَادِ وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِكَ مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ، وَإِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلِمَةٍ أَصَابَنِي بِهَا فِي مَالٍ، أَوْ جَسَدٍ، أَوْ عِرْضٍ»، ثُمَّ أَصْبَحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ ردها، فَقَامَ إِلَيْه الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبْشِرْ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ صلى» ([1]).

وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم، فلم يعذرهم. وكان ابن أُبيٍّ قد عسكر على ثنية الوداع

*****

عن يمينه، كفرها؛ عملاً بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجۡعَلُواْ ٱللَّهَ عُرۡضَةٗ لِّأَيۡمَٰنِكُمۡ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصۡلِحُواْ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ [البقرة: 224].

فمن حلف على يمين ألا يفعل الخير، فإنه لا يمضي على يمينه؛ بل ينقضها، ويكفر عن يمينه؛ فلا تكن اليمين مانعة من فعل الخير؛ ألا يصل رحمه، ألا يتصدق، ألا يصلي، لا تمنعه اليمين عن ذلك.

عجائب هذه الغزوة، بها عجائب، ظهر فيها صدق المؤمنين، وظهر فيها نفاق المنافقين.

قوله: «ثنية الوداع»؛ شمالي المدينة، وهو طريق في جبل، لا تزال تسمى بهذا الاسم شمالي المدينة على طريق تبوك.


الشرح

([1])  أخرجه: البيهقي في شعب الإيمان (10/ 420)، وابن أبي الدنيا في مداراة الناس (1/27).