هذا
مَثَلُ المنافق: إن جاءه من الإسلام خير عاجل، تَمَسَّك به.
وإن أصابته فتنة، أو أصابه ضرٌّ أو محنة؛ فإنه يتوقف ويشك في الإسلام.
فمعنى
قوله تعالى: ﴿وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ﴾
[البقرة: 20] إذا حصل لهم محن وشدائد وامتحان من الله عز وجل؛ فإنهم
يَشُكُّون في هذا الإسلام، ويقولون: هذا الإسلام ما جاءنا بخير.
فمَثَلهم
كمثل الذي أصابه الصَّيِّب في الليل، وحصلت عنده هذه الإفزاعات، ولا يدري أين
يذهب.
وهؤلاء
إذا جاءهم من الإسلام خير، استمروا فيه، كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن
يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ
وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ﴾
[الحج: 11].
فمُدَّعِي
الإيمان لا بد أن يُمتحَن في هذه الدنيا؛ ليَظهر صدق إيمانه من كذبه. فالذي إيمانه
غير صحيح ينقلب على عقبيه ويكفر؛ كالمنافق. وأما الصادق الإيمان فهذا ثابت؛ إن
أصابه خير شَكَر، وإن أصابه ضر صَبَر. وأما المنافق فهو بالعكس؛ إن أصابه خير أظهر
الاطمئنان، وإن أصابته فتنة كفر بالله - والعياذ بالله - وظهر ما عنده من المكنون.
والله سبحانه أنزل في المنافقين كثيرًا من الآيات، أنزل فيهم سورة التوبة التي تسمى الفاضحة لأنها فضحتهم، وسورة ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ﴾ [المنافقون: 1] إضافةً إلى ما جاء عنهم في سورة النساء وآل عمران والعنكبوت... وغيرها.