×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

الدرس الخامس والثلاثون

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ ١٧٢ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ١٧٣ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١٧٤ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ ١٧٥ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَفِي شِقَاقِۢ بَعِيدٖ ١٧٦ [البقرة: 172- 176].

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّم على عبده ورسولِهِ نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداه، وتمسَّك بسنَّته إلى يوم الدين.

·        أما بعد:

ففي هذه الآياتِ الكريمة ينادي الله عباده المؤمنين: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [البقرة: 172]؛ لأن المؤمنين هم الذين يمتثلون أمر الله ويسمعون لندائه سبحانه وتعالى، وهذه الآيةُ جاءت بعد قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا [البقرة: 168]، بعد أن نادى سبحانه وتعالى جميع الناس، خصَّ المؤمنين بنداءٍ ثانٍ وإن كانوا داخلين في النداء الأول، لكنَّه خصهم إكرامًا لهم وتمييزًا لهم بين الخلق وتشريفًا لهم، ولأنهم هم الذين يمتثلون أوامر الله سبحانه وتعالى. وأما الكفار فيناجيهم سبحانه؛ إقامةً للحجة عليهم وإن كانوا لا يمتثلون أمر الله، فالله يناديهم ويأمرهم وينهاهم إقامةً للحجة عليهم.


الشرح