الدرس الثالث والعِشرون
قال
الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ
وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ ١١٥ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۖ بَل لَّهُۥ
مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ ١١٦ بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا
فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ١١٧﴾
[البقرة: 115- 117].
الحمد
لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللَّه وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وتَمَسَّك بسُنته إلى يوم الدين.
·
أما بعد:
فقوله
تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ﴾
[البقرة: 115] ذَكَر العلماء رحمهم الله لهذه الآية؛ وجوهًا من التفسير، وكلها
صحيحة.
الوجه
الأول: أن هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، لمَّا صَدَّهم المشركون
عام الحديبية عن الوصول إلى المسجد الحرام لأداء العمرة، فالله عز وجل قال لهم:
﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ
وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة: 115] أي: إن الله سبحانه
وتعالى يُعبد في كل مكان، فإذا صدكم المشركون عن المسجد الحرام فإن الأرض كلها محل
لعبادة الله سبحانه وتعالى، فلا يضرنكم ما حصل من المشركين؛ فإن الله سبحانه وتعالى
وَسَّع لكم الأمر، فكلُّ أرض الله محل لعبادة الله سبحانه وتعالى.
وقيل:
إن هذه الآية نزلت بسبب أن قومًا من الصحابة كانوا في سفر، فاشتبهت عليهم القبلة
في الليل، فاجتهدوا وصَلَّوا إلى الجهة التي غلب على ظنهم واجتهادهم أنها هي
القبلة، فلما أصبحوا رأَوا أنهم
الصفحة 1 / 533