×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

الدرس الثامن والعشرون

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١٣٠ إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسۡلِمۡۖ قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٣١ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِ‍ۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٣٢ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ١٣٣ تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡ‍َٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٣٤ [البقرة: 130- 134].

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّم على عبده ورسوله نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَنِ اهتدى بهداه، وتمسَّك بسنَّته إلى يوم الدين.

·        أما بعد:

فلما ذكر الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة فضائلَ إبراهيم عليه السلام والأعمالَ التي قام بها؛ لأن الله سبحانه وتعالى ابتلاه بكلمات فأتمهن، أي: أمره بأوامر ونهاه عن أشياءَ فأتم ما أُمر به، فامتثله، وما نُهي عنه فاجتنبه، فقال الله له: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ [البقرة: 124]، وذكر ما قام به هو وابنُه إسماعيلُ عليهما السلام مِنْ بناء البيت الذي جعله الله مثابةً للناس وأمنًا، وذكر سبحانه وتعالى دعوات إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حال بنائهما البيت.

قال تعالى في هذه الآيات: ﴿وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ [البقرة: 130]، هذا استفهامٌ إنكاريٌّ، أي: لا أحد يرغب أن يترك ملة


الشرح