إبراهيم
عليه السلام، ﴿إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ﴾
[البقرة: 130]، ﴿سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ﴾
[البقرة: 130]: استخف بها، السفه معناه: الخفة، أي: استخف بنفسه
وظلمها؛ لأنه لم يحترم نفسه ويعطيها حقها الذي يجب لها عليه؛ لأن كل إنسانٍ راعٍ
على نفسه، يجب عليه أن يكرمها بطاعة الله، ويجنبها غضب الله، كما قال سبحانه
وتعالى: ﴿وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا ٧ فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا ٨ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا ١٠﴾ [الشمس: 7- 10].
فالإنسان
هو الذي يكرم نفسه أو يهينها؛ فإن حملها على طاعة الله وابتغاء مرضاته؛ فقد أكرمها
وأنزلها المنزلة اللائقة بها، ومَنْ أهملها وأطاعها واتبع هواه فقد أهان نفسه
ودساها.
وهنا
يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِۧمَ﴾
[البقرة: 130]، أي: لا أحد يرغب عن ملة إبراهيم عليه السلام.
﴿إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ﴾
[البقرة: 130]، أي: استخف بها وبقدرها وأهانها.
وملة
إبراهيم عليه السلام: هي الحنيفية، وهي عبادة الله وحده
لا شريك له، وترك عبادة ما سواه.
فالتوحيد
الخالص هو ملة إبراهيم عليه السلام، وأيضًا مِنْ ملة إبراهيم عليه السلام الموالاة
في الله والمعاداة في الله، فيوالي أهل التوحيد ويحبهم ويناصرهم، ويعادي أهل الشرك
ويبغضهم ويبتعد عنهم، هذا مِنْ ملة إبراهيم عليه السلام.
قال
تعالى: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ
أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ
إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا
بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ
تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ﴾ [الممتحنة: 4].
وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ
مِّمَّا تَعۡبُدُونَ ٢٦ إِلَّا ٱلَّذِي