×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧ وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ٢٨ [الزخرف: 26- 28].

فملَّة إبراهيم عليه السلام هي التوحيد الخالص بعبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة ما سواه كائنًا مَنْ كان، ثم الموالاة في الله، موالاة أهل التوحيد والإخلاص، ومعاداة أهل الشرك والبراءة منهم.

فاليهود والنصارى والمشركون الذين يزعمون أنهم على ملة إبراهيم عليه السلام، وهم يشركون بالله سبحانه وتعالى ويدعون غيره، هؤلاء رغبوا عن ملة إبراهيم عليه السلام.

وكذلك الذين لا يوالون في الله، ولا يعادون في الله، وتركوا الولاء والبراء، ليسوا على ملة إبراهيم عليه السلام، فالذين يكون عندهم الناس سواء، المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، لا يميزون بينهم، فهؤلاء ليسوا على ملة إبراهيم عليه السلام، وقد سفهوا أنفسهم.

وكذلك المبتدعة الذين يعبدون الله بالبدع والمحدثات عندهم نقص في ذلك بحسب بدعهم، وملة إبراهيم عليه السلام هي ما شرعه الله سبحانه وتعالى لعباده، فالذي يعبد الله بشيءٍ لم يشرعه الله لعباده؛ هذا ليس على ملة إبراهيم عليه السلام في بدعته.

ملة إبراهيم عليه السلام وضحها الله عز وجل في القرآن وجلاها تجليةً واضحة ليست خفية، فمَنْ عَرَفَها وتمسك بها فقد أكرم نفسه، ومَنْ تركها واستبدلها بغيرها فقد سفه نفسه وأهانها.

فاليهود والنصارى لما أحدثوا في دين الله وغيروا في دين الله؛ رغبوا عن ملة إبراهيم عليه السلام، وكذلك المشركون لما عبدوا الأوثان والأشجار والأحجار والقبور والأضرحة، هؤلاء ليسوا على ملة


الشرح