×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

إبراهيم عليه السلام؛ لأنهم رغبوا عنها، وإن كانوا يدَّعون أنهم على ملة إبراهيم عليه السلام، فالأمور ليست بالدعاوى، الأمور بالحقائق وليست الأمور بالانتساب مِنْ غير تحقيق.

ثم قال سبحانه وتعالى في إبراهيم عليه السلام: ﴿وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَٰهُ [البقرة: 130] أي: اخترناه.

فالاصطفاء: هو الاختيار، اختاره الله عز وجل لرسالته، وهو أعلمُ حيث يجعل رسالته، واتخذه خليلاً مِنْ بين الناس؛ لِمَا قام به عليه السلام مِنَ الدعوة إلى الله والصبر على ما أصابه في سبيل الله، وتحمل المشاق، اصطفاه الله سبحانه وتعالى واختاره، واتخذه خليلاً، كما قال عز وجل: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا [النساء: 125].

﴿أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِهذا هو التوحيدُ، أي: أخلص عمله وأخلص نيته لله وتجنب الشرك بجميع أنواعه، هذا هو الذي أسلم وجهه لله.

﴿وَهُوَ مُحۡسِنٞأي: متبع لما شرعه الله، لا يعبد الله إلا بما شرعه على ألسن رسله، لا يعبد الله بالبدع والمحدثات، وما يرى عليه الناس بدون عرض على ما شرعه الله عز وجل، وهذا يبين لكم مَنْ هو الذي اتبع ملة إبراهيم عليه السلام مِنْ غيره.

وقال تعالى: ﴿إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٢٠ شَاكِرٗا لِّأَنۡعُمِهِۚ ٱجۡتَبَىٰهُ وَهَدَىٰهُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ١٢١ وَءَاتَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١٢٢ [النحل: 120- 122].

كما أن الله أكرمه في الدنيا وأعزه في الدنيا فإن الله يكرمه في الآخرة، ويجعله مع صفوة الخلق مع الأنبياء والمرسلين.


الشرح