قال
تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ
لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾ [النحل: 122]: الذين هم
أنبياء الله ورسله، والله رفع شأنه في الدنيا والآخرة، وهذا مما يرغب في اتباع ملة
إبراهيم عليه السلام، أن الله اختاره وأكرمه في الدنيا وفي الآخرة. فمَنْ يُرِد
لنفسه العزة ويُرِد لها الكرامة ويُرِد لها النجاة يوم القيامة؛ فليتبع ملة
إبراهيم عليه السلام.
قد
تقول: إبراهيم عليه السلام بيني وبينه آلاف السنين، فكيف
أتبع ملته؟!
نقول
لك: اتبع محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ لأنه على ملة إبراهيم
عليه السلام، فمَنِ اتبع ملة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد اتبع ملة إبراهيم عليه
السلام، يقول الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ثُمَّ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ
حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾
[النحل: 123]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ
السَّمْحَةِ»([1]).
الحنيفية: ملة إبراهيم عليه السلام.
فإذا
اتبعتَ محمدًا صلى الله عليه وسلم فقد اتبعت ملة إبراهيم عليه السلام تمامًا.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسۡلِمۡۖ﴾
[البقرة: 131]. ﴿إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥ﴾أي:
لإبراهيم عليه السلام.
﴿أَسۡلِمۡۖ﴾أي: استسلم لله عز وجل، بطاعته واتباع أوامره،
واجتناب نواهيه، هذا هو الاستسلام، وهو الإسلام.
فالإسلام
هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة،
والبراءة مِنَ الشرك وأهله، هذا هو الذي أمر الله به إبراهيم عليه السلام لما قال
له: ﴿أَسۡلِمۡۖ﴾.
﴿قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [البقرة: 131] أجاب ربه سبحانه وتعالى، وأسلم لرب العالمين، وترك عبادة الأصنام، وعبادة غير الله، وفارق قومه، وفارق أباه، وفارق الناس في ذات الله، وصبر على ذلك.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (22291)، والطبراني في الكبير رقم (7868).