×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

الدرس الواحد والعِشرون

قال الله سبحانه وتعالى في سياق فضائح اليهود والنصارى: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُمۡ يَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ مِثۡلَ قَوۡلِهِمۡۚ فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ [البقرة: 113].

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللَّه وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وتَمَسَّك بسُنته إلى يوم الدين.

·        أما بعد:

فقوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ أي ليست على دين، ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ، كل طائفة تُكفِّر الأخرى وتحتكر الدين لها هي، كما قالوا من قبل: ﴿لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ [البقرة: 111]. فاحتكروا الجنة لهم، وأخرجوا منها غيرهم، كذلك احتكروا الدين لهم، وأنهم أهل الإيمان، وأن غيرهم ليسوا على دين. وهذا من جملة ضلالاتهم وافتراءاتهم.

وهذا فيه أن اليهود يزكُّون أنفسهم ويُخطِّئون غيرهم. وكذلك العكس، النصارى يزكُّون أنفسهم ويُخطِّئون غيرهم.

وهذا فيه عدة أمور:

أولاً: تزكية النفس. وهذا أمر لا يجوز؛ أن الإنسان يزكي نفسه، بمعنى أنه يمدحها ويثني عليها ويُكمِّلها، ويتنقص الآخرين. هذا أمر لا يجوز، قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ [النجم: 32]. 


الشرح