والواجب
أن الإنسان دائمًا يتنقص نفسه ولا يُكمِّلها، ودائمًا يرى أنه مقصِّر في حق الله
سبحانه وتعالى. هذا هو الواجب.
أما
أنه يمدح نفسه ويزكِّي نفسه، فهذا مما يدل على عدم العقل، ويدل على الكِبْر؛ فإن
الإنسان دائمًا محل النقص، وهو دائمًا يسعى ليزكي نفسه بالأعمال الصالحة، ولا يزكي
نفسه بالمدح والتكميل والثناء على نفسه، بل يزكي نفسه بالأعمال الصالحة، قال
تعالى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن
زَكَّىٰهَا﴾ [الشمس:
9]، أي: بالأعمال الصالحة.
ثانيًا:
هذا فيه أن الإنسان يرى عيب غيره ولا يرى عيب نفسه، فاليهود لا يَرَوْن ما فيهم من
العيب، وإنما ينظرون إلى عيب النصارى. والنصارى - كذلك - ينظرون إلى عيب اليهود
ولا ينظرون إلى عيوب أنفسهم.
وهذا
من أخطر الأمور، أن الإنسان ينسى نفسه وينسى ما فيه من العيوب، ويتتبع عيوب
الآخرين. هذا مركب نقص في الإنسان.
الواجب
أن الإنسان ينظر إلى عيوب نفسه ويصلحها، ولا يشتغل بعيوب الآخرين، وإنما يشتغل
بعيوب نفسه ويحاسب نفسه.
فاليهود
لو أنهم نظروا إلى ما عندهم من الكفريات والضلالات، ما قَدَروا أن يرفعوا رءوسهم،
ولا أن ينظروا إلى الناس؛ من الحياء والخجل مما هم فيه.
فاليهود عندهم من الكفريات والضلالات ما ليس عند العالَم كله! ومع هذا يقولون: ﴿لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡء﴾ [البقرة: 113]، ينظرون إلى عيوب غيرهم ولا ينظرون إلى عيوبهم.