الحمد
لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله
وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وتمسَّك بسنَّته إلى يوم الدين.
·
أما بعد:
فهذه
السورة العظيمة تشتمل على أمور عظيمة من أمور الدين: أصوله، وفروعه،
والرد على اليهود والنصارى، والمشركين، وسائر الملل الكفرية، وفيها عبر وعظات،
وآيات بينات، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖۖ وَمَا يَكۡفُرُ
بِهَآ إِلَّا ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [البقرة:
99].
هذه
السورة العظيمة افتتحها الله جل وعلا بالحروف المقطَّعة:
وهي ثلاثة حروف: ألف، لام، ميم، كما افتتح غيرها من السور بحروف مقطعة، قال النبي
صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ
حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ ﴿الٓمٓ﴾
حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ
حَرْفٌ»([1]).
هذه
الحروف المقطَّعة في بعض أوائل السور اختلف العلماء فيها على قولين مشهورين:
القول
الأول: إنها مما استأثر الله تعالى بعلمه، فلا ندخل في
تفسيرها أو البحث عن معناها.
القول الثاني: إن هذه الحروف المقطَّعة هي إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم؛ فإن الله سبحانه وتعالى أنزل هذا القرآن الكريم، وجَعَل ألفاظه مركَّبة من حروف، فهذا القرآن مركَّب من هذه الحروف التي ينطق بها العرب؛
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2910).