ولهذا
فَسَّر ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قوله تعالى: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا﴾بأنَّ
ذلك مثل قول: لولا الله وفلان، ما شاء الله وشئتَ؛ ومثل الحلف بغير الله: وحَيَاتك
وحَيَاتي. لولا فلان لحصل كذا وكذا، لولا البط في الدار لأتانا اللصوص.
هكذا
جَعَل ابن عباس هذا من اتخاذ الأنداد، ولو كان شركًا أصغر. وهذا يُسمَّى الشرك في
الألفاظ، وإن كان الإنسان لا يعتقده في قلبه، لكنه شرك في الألفاظ.
فلا
تقل: «لولا الله وفلان» بالواو؛ لأن «الواو» للتشريك، فجعلتَ فلانًا شريكًا لله.
والصواب أن تقول: «لولا الله ثم فلان»بـ«ثم» لتجعل فلانًا بعد الله، وليس معه؛ لأن
«ثم» للترتيب والتراخي.
فإذا
قلت: «لولا الله وفلان» فهذا شرك. وإذا قلت: «لولا الله ثم فلان» فهذا توحيد.
ولمّا
قال رجل للرسول صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ ! قَالَ: «جَعَلْتَ
لِلَّهِ نِدًّا، مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ»([1]).
فالرسول
صلى الله عليه وسلم أنكر عليه قوله: «مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ» وأَمَره أن
يقول: «مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ». هذا هو الكمال: «مَا شَاءَ اللَّهُ
وَحْدَهُ» ويجوز أن يقول: «مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ» لكن الأفضل
والأكمل أن يقول: مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ.
فيجب على المسلم: أن يعرف ما هو الشرك حتى يتجنبه، ولا يكفي أنه يعرف التوحيد فقط، بل لا بد أن يعرف أيضًا ضد التَّوحيد، وهو الشرك؛ من أجل أن يتجنبه.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (1839)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (783).