×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فالمَثَل يُقرِّب المعنى ويوضحه ويُبيِّنه، وهذا من أعظم المقاصد في القرآن الكريم.

والأمثال في القرآن الكريم كثيرة جدًّا، ضربها الله سبحانه وتعالى ونَوَّعها؛ بيانًا للحق وإبطالاً للباطل.

ومن ذلك: ما ذكره في هذه السورة العظيمة سورة البقرة؛ فإن الله ضرب مثلين قبل هذه الآية:

المَثَل الأول: قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ  [البقرة: 17].

والمَثَل الثاني: قوله تعالى: ﴿أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ [البقرة: 19]. وقد تقدم الكلام عن معنى هذه الآيات.

قال بعض المفسِّرين: لما ذَكَر الله هذين المثلين، استغرب المنافقون -مَن في قلبه مرض، والمعترضون على القرآن- وقالوا: إن الله لا يليق به أن يضرب هذه الأمثال بالذباب والبعوض والعنكبوت!! فَرَدَّ الله عليهم بهذه الآية، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا مَّا بَعُوضَةٗ فَمَا فَوۡقَهَاۚ [البقرة: 26].

فهذا لا يُنقص من حق الله سبحانه وتعالى وعظمته؛ لأنه بيان للحق، والله جل جلاله لا يستحيي من الحق.

ففي هذه الآية: رَدٌّ على هؤلاء الذين اعترضوا على ضرب الأمثال في القرآن.

وقيل: إنه كما ضَرَب الله المثل بالذباب في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡ‍ٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ  [الحج: 73].


الشرح