وكذلك
لما ضَرَب الله المثل في سورة العنكبوت، فقال: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ
ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ
لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 41].
وقال
المعترضون من الكفار والمشركين والمنافقين: الله لا
يليق به أن يضرب المثل بالذباب أو يضرب المثل بالعنكبوت، الله أعظم وأَجَلُّ من ذلك!!
فاعتبروا أن هذا القرآن ليس من كلام الله؛ لأنه لو كان من كلام الله ما جاءت فيه
هذه الأمثال التي يُنَزِّهون الله - بزعمهم - عنها.
أنزل
الله هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡيِۦٓ أَن يَضۡرِبَ مَثَلٗا﴾
[البقرة: 26]: من كل مثل يتضح به الحق.
﴿بَعُوضَةٗ﴾ [البقرة:
26]: وهذه أصغر المخلوقات.
﴿فَمَا فَوۡقَهَاۚ﴾
[البقرة: 26]: فيه قولان لأهل العلم:
فقيل: ﴿فَمَا فَوۡقَهَاۚ﴾
يعني ما دونها في الصِّغر.
وقيل:
﴿فَمَا فَوۡقَهَاۚ﴾ ما هو أكبر منها.
وعلى
كل حال، فهذه الآية فيها رَدٌّ على من اعترض على ضرب الأمثال
في القرآن، فأراد أن يُشكِّك في القرآن وأنه ليس من عند الله عز وجل !! فالله
رَدَّ عليهم، وقال: إن الله جل جلاله لا يمنعه الحياء ولا يستنكف أن يَضرب
المثل مهما كان بالبعوضة وما دونها أو ما هو أكبر منها؛ من أجل بيان الحق ورَدِّ
الباطل. ولا يَقدح ذلك في عظمته سبحانه وتعالى، ولا يُنقص من توحيده سبحانه
وتعالى، ولا يَقدح في هذا القرآن الكريم، بل هذا يدل على عظمة هذا القرآن الكريم
وهدايته للناس.
فضَرْب الأمثال قِسْمٌ من علوم القرآن؛ كما ذَكَر علماء التفسير وعلماء أصول التفسير، ذكروا أن مِن أعظم علوم القرآن ضَرْب الأمثال فيه.