×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وقد قال الله تعالى: ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ [العنكبوت: 43].

فالعالِمون: لمَّا فهموا معاني هذه الأمثال والمراد منها، زادت عظمة القرآن في أنفسهم، وزادت عظمة الله جل جلاله في أنفسهم؛ لأن هذه الأمثال فيها سرٌّ عجيب، وفيها معنى جليل لمن تأملها؛ ولهذا قال: ﴿وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ ، يعني ما يفهمها ويفهم المقصود منها إلا أهل العلم.

أما أهل الجهل والضلال، فهؤلاء لا يفهمون منها شيئًا، بل تمرُّ عليهم ولا يفهمون منها شيئًا.

ولهذا كان بعض السلف إذا قرأ الآية التي فيها ضَرْب مَثَل ولم يفهمها، بكى وقال: الله جل جلاله يقول: ﴿وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ [العنكبوت: 43]، فأنا إذًا لست من العالِمين؛ لأنَّني لم أفهم هذا المثل.

وقال جل جلاله: ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: 21].

ففي ضرب الأمثال في القرآن حكمة عظيمة، ومعنى جليل، وإيضاح للحق.

ولْنَذْكُرْ نماذج مما ضربه الله من الأمثال في القرآن:

سَبَق في هذه السورة أن الله ضَرَب مَثَلين لحال المنافقين: مثلاً ناريًّا، ومثلاً مائيًّا.

المَثَل الناري: ﴿مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا [البقرة: 17]، فضَرَب المَثَل بالنار لأنها أصل النور.

والمَثَل المائي: في قوله: ﴿أَوۡ كَصَيِّبٖ [البقرة: 19]، والصَّيِّب: هو المطر، ﴿مِّنَ ٱلسَّمَآءِ  [البقرة: 19]؛ لأنَّ الماء فيه حياة الناس وحياة الأشجار والنباتات.


الشرح