×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فالنار مادة النور، والماء مادة الحياة؛ ولذلك ضَرَب الله هذين المثلين: الناري والمائي؛ لأحوال المنافقين.

وكذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ  [البقرة: 171].

شَبَّه الله حالة الكفار حينما يُتلى عليهم القرآن ولا يلتفتون إليه، ولا يتفهمون المقصود منه، وكونه مجرد صوت يسمعونه، لكن لا يتفقهون فيه، ولا يطلبون الفقه من معاني ما يسمعون؛ بالراعي الذي يَنْعِق بالإبل؛ فالإبل تتبع صوت الراعي، لكنها لا تفهم معناه، إنما تَتَّبع الصوت فقط.

﴿كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ شَبَّه الله حالة الكفار مع القرآن بحالة الأنعام مع صوت الراعي، تسمعه ولا تفهم معناه. كذلك الكفار، يسمعون القرآن ولا يفهمون معناه، ولا ينتفعون به. فشَبَّههم بالأنعام - والعياذ بالله -.

كما شَبَّه الله آكل الربا بالمصروع، الذي به صَرَعٌ من الجنِّ، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ  [البقرة: 275].

فالمرابي يتضخم الربا في بطنه، فيثقل ولا يقدر على القيام من قبره مع الناس ليسير إلى الحشر، مثل المصروع الذي أصابه الصرع، يريد أن يقوم فيَسقط، يريد أن يقوم فيَسقط.

وهذه حالة المرابين يوم القيامة، حينما يُحشر الناس، أو يساقون إلى المحشر؛ يمشون سراعًا إلا المُرابي؛ فإنه يقوم ويسقط، ويقوم ويسقط؛ بسبب أن الربا تضخم في بطنه - والعياذ بالله - فأثقله، فلم يستطع


الشرح