﴿فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى
فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾
[البقرة: 38]: تَكَفَّل الله لبني آدم بل للجن والإنس لأن الخطاب للجميع،
بأنه سيرسل الرسل، ويُنزل الكتب لهداية الضالين والكافرين والمشركين إلى الحق، ولا
يتركهم الله سبحانه وتعالى بدون إقامة حجة، وبدون دعوة إليه سبحانه وتعالى، هذا من
رحمته بعباده.
والهدى:
هو إرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ
لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة:
33].
فلم
يَترك الله الخلق بدون أن يرسل إليهم رسلاً، ويُنزل عليهم كتبًا تهديهم إلى الحق،
وترجعهم إلى الصواب!! هذا من عنايته بعباده ورحمته بهم، وإلا فهو سبحانه وتعالى
غنيٌّ عنهم وعن عبادتهم، قال تعالى: ﴿إِن تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ
لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم: 8].
وإنما
العباد هم المحتاجون إلى الله، ولكنهم لا يستطيعون أن يعبدوا الله إلا بهدى من
الله وبيان من الله؛ لأن العبادات توقيفية، لا تؤخذ من العادات، أو من التقاليد،
أو من آراء الرجال، أو من استحسانات النفوس. العبادات تؤخذ من الوحي المُنزَّل.
﴿فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾
[البقرة: 38]: لا خوف عليهم في المستقبل، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من
الدنيا. فمَن تَبِع هدى الله لا يخاف ولا يحزن، نسأل الله الكريم من فضله.
ثم
قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَآ أُوْلَٰٓئِكَ
أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾
[البقرة: 39] أي: الذين لم يَقبلوا هدى الله ولم يتبعوه هم أصحاب النار
المصاحبون لها، الملازمون لها، الذين لا ينفكُّون عنها أبدًا، لا خروج لهم، ولا
طمع في رحمة الله سبحانه وتعالى.