×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

كما في الآية الأخرى، قال تعالى: ﴿رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [الأعراف: 23].

فإذا أذنب العبد ذنبًا، فليقل هذه الكلمات: ربِّ إنِّي ظلمت نفسي، فاغفر لي، إنك أنت الغفور الرحيم.

وفي الحديث: أن أبا بكر الصِّديق رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: عَلِّمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: «قُلِ اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَبِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ»([1]).

فالله جل جلاله ألهم آدم عليه السلام كيف يتخلص من هذا الذنب. وهذا تعليم لذرية آدم، أنهم إذا أذنبوا فعليهم أن يبادروا بالتوبة، ولا يقنطوا من رحمة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥٤ [الزمر: 53، 54].

فمن تاب تاب الله عليه. أما الذي يقيم على الذنوب والمعاصي ويقول: «الله غفور رحيم» فهذا غرور، وهذا أمن من مكر الله، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون - نسأل الله العافية -.

ثم قال عز وجل: ﴿إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ [البقرة: 37]: هذا إطماع للعباد كلهم بأن الله هو التواب الرحيم، لآدم عليه السلام ولزوجه ولغيرهما، هو التواب الرحيم لكل مَن تاب مِن الذنب، ليس هذا خاصًّا بآدم عليه السلام.

قال تعالى: ﴿قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗاۖ [البقرة: 38]، هذا تأكيد لما سبق.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (834)، ومسلم رقم (2705).