×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فالإيمان ليس مجرد دعوى؛ ولهذا يقول الحسن البصري رحمه الله: «لَيْسَ الإِْيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلاَ بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَتْهُ الأَْعْمَالُ» ([1]).

هذا هو الإيمان، على معتقد أهل السنة والجماعة.

كذلك الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، خلافًا لقول المرجئة: إن الإيمان شيء واحد أصله في القلب، لا يَزيد ولا يَنقص. هذا قول غير صحيح.

الله سبحانه وتعالى أخبر أن الإيمان يَزيد وأنه يَنقص، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2]، فدلَّ على أن الإيمان يَزيد.

وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ [التوبة: 124]، فدلَّ على أن الآيات تَزيد في إيمان المؤمنين إذا سمعوها.

وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَيَزۡدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا [المدثر: 31]، فدلَّ على أن الإيمان يَزيد، وما كان يزيد فهو ينقص.

وقال تعالى: ﴿هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ [آل عمران: 167]. فدلَّ على أن الإيمان يَضعف حتى يصبح صاحبه قريبًا من الكفر.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، أَعْلاَهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ»([2]).

فدلَّ على أن الإيمان له مرتبة عليا ومرتبة دنيا، أدناها إماطة الأذى عن الطريق، فدلَّ على أن الإيمان يتفاوت يعظم ويضعف، وليس هو شيئًا واحدًا كما يقول المرجئة.


الشرح

([1]) أخرجه: ابن أبي شيبة رقم (30351)، والبيهقي في الشعب رقم (65).

([2]) أخرجه: مسلم رقم (35).