وهذه
الأمور موجودة في غالب اليهود؛ فإن الله سبحانه وتعالى أراهم من آياته العظيمة،
ومن معجزات موسى عليه السلام ما تذوب له الجبال، ولكن قلوبهم كانت أقسى من
الحجارة.
والله
سبحانه وتعالى ذَكَر أن بني إسرائيل شاهدوا من آيات الله العظيمة ما يقتضي أن تلين
قلوبهم:
بدءًا:
بإنجائهم مع موسى عليه السلام من فرعون ومَلَئِه، بأن فلق لهم البحر فأنجاهم،
وأغرق عدوَّهم في البحر وهم ينظرون.
ثم
أيضًا: ما تتابع من آيات الله التي شاهدوها مع موسى عليه
السلام، من إنزال المَنِّ والسلوى، ومِن إمدادهم بالماء لما عَطِشوا، ففَجَّر لهم
الحجر الذي ضربه موسى عليه السلام بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عَشْرة عينًا بعدد
قبائلهم.
وختامًا
بقصة البقرة، لما قَتَلوا قتيلاً وتدافعوا التهمة في قتله،
كلٌّ يَدَّعي أن القبيلة الفلانية هي التي قتلته، وكتموا الحق في ذلك، فأَمَرهم
الله أن يذبحوا بقرة فذبحوها بعد لَأْي وتردد وعناد. ثم إن الله جل جلاله أَمَرهم
أن يضربوا هذا القتيل بجزء من هذه البقرة، فأحياه الله، فضربوه بجزء من هذه البقرة
المذبوحة، فقام حيًّا وقال: قتلني فلان. ثم رجع إلى الموت بعد ما بَيَّن مَن
قَتَله. هذا من أعظم آيات الله وهم يشاهدون هذا.
قال
تعالى لهم: ﴿ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ﴾ [البقرة:
74]، مع هذه الآية العظيمة والعِبَر لم تَلِنْ قلوبهم، بل قست قلوبهم فهي كالحجارة
أو أشد قسوة.
ثم إن الله سبحانه وتعالى بعد سياق هذه الآيات في بني إسرائيل ومخاطبتهم،