ومع
هذه الأعمال القبيحة كان الواجب عليهم التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وترك هذه
الأعمال، لكنهم أضافوا إليها جرائم أخرى بدل أن يتوبوا، حيث حكموا لأنفسهم
بالنجاة، ﭽ ﴿وَقَالُواْ لَن
تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ﴾
[البقرة: 80] حكموا بأن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودة فقط، وبقية الأيام
يكونون في الجنة. وهذا من الافتراء على الله سبحانه وتعالى.
وهذه
الأيام المعدودة بزعمهم قال عنها المفسرون: إنها الأيام التي عبدوا فيها العجل.
فظنوا
أن الله لن يعذبهم إلا بقدرها في النار. وهذه الخطيئة لا شك أنها خطيئة كبيرة وشرك
بالله عز وجل، وليس جزاؤها أنهم لا يعذبون إلا لأيام معدودة. فالمشرك يخلد في
النار كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ
وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾
[المائدة: 72]، إلا إن تابوا إلى الله سبحانه وتعالى، ومن لم يتب منها فإنه
ليس عذابه أيامًا معدودة بل عذابه دائم، والعياذ بالله، عذابه دائم مستمر.
وفي
الآية الأخرى يقول تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ
أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۖ وَغَرَّهُمۡ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ﴾
[آل عمران: 24].
وهنا
يقول: ﴿قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡدٗا﴾
[البقرة: 80]، هل الله تعالى أعطاكم عهدًا أنه لا يعذبكم إلا أيامًا معدودة؟!
أو المعنى - والله أعلم -: أتخذتم عند الله عهدًا بالأعمال الصالحة؟! لأن مَن عَمِل الأعمال الصالحة وتَجَنَّب الشرك، فله عهد عند الله أن لا يعذبه، قال الله تعالى: ﴿مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمٗا﴾ [النساء: 147]،