×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

والبشارة هي الخبر السار الذي يَظهر أثره على البَشَرة، فالإنسان إذا فرح ظهر هذا على بشرته واستنار وجهه وضحك وانبسط، هذه بشرى. وأما إذا بَلَغه خير يسوءه ويُحزنه، ظهر هذا على بشرته بالانقباض وسواد الوجه وضيق الصدر.

فالقرآن بشير ونذير، بشير للمؤمنين خاصة، ﴿هُدٗى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِينَ [النمل: 2]، خص المؤمنين، الذين ينتفعون بهذا القرآن ويعملون به. أما غير المؤمنين فإن هذا القرآن حجة عليهم يوم القيامة، لا يكون لهم عذر عند الله.

ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»([1])، حجة لك إذا عملت به واهتديت به، أو حجة عليك عند الله سبحانه إذا أعرضت عنه ولم تعمل به؛ فإنه لا يكون لك عذر عند الله يوم القيامة، وقد بَلَغك القرآن وقرأته وسمعته، لكنك لم تهتدِ به ولم تعمل به؛ فيكون حجة عليك يوم القيامة، ويكون خَصْمًا لك يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى.

﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 98]، هذه الآية فيها أن من عادى جبريل عليه السلام فقد عادى الله، فالمسألة ليست مقتصرة على جبريل، فمَن عادى جبريل عادى الله جل وعلا، صار عدوًّا لله، وصار الله عدوًّا له.

﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ [البقرة: 98]: والسبب في هذا أنه عادى جبريل عليه السلام. وفي الحديث القدسي يقول الله سبحانه وتعالى: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالحَرْبِ»([2])، «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا»: من أولياء الله،


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (223).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (6502).