×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ [الممتحنة: 1].

إبراهيم عليه السلام كان في أول الأمر يستغفر لأبيه بِرًّا به ورحمةً بوالده، ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ [التوبة: 114].

هذا باب عظيم، باب الولاء والبراء في الإسلام، لا بد للإنسان أن يكون عنده موالاة وعنده براء: موالاة لأولياء الله المتقين المؤمنين، يحبهم ويألفهم، ويأوي إليهم وينصرهم، ويتعاون معهم. ويبغض أعداء الله، فيَبعد عنهم ويعاديهم ويبغضهم، وينقطع عنهم تمام الانقطاع، من ناحية الدين، ومن ناحية العقيدة، فيتبرأ منهم، ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ [الممتحنة: 4]. هذا هو الولاء والبراء.

وهنا يقول: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ [البقرة: 98] ما هو السبب؟ السبب أنهم قالوا: جبريل عدونا. فعادَوا وليًّا من أولياء الله، عادَوا الروح الأمين جبريل عليه السلام، فصاروا أعداء لله، وأعداء لملائكته، وأعداء لرسله.

لماذا عَطَف جبريل وميكال على الملائكة مع أنهم من الملائكة؟

لبيان فضل هذين الملكين عليه السلام، لبيان فضلهما خصهما بالذكر وإن كانا داخلين في الملائكة؛ تنبيهًا على فضلهما على سائر الملائكة. كما قال تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ [البقرة: 238]، الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، لماذا ذكر الصلاة الوسطى وهي داخلة في قوله: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ؟ لبيان أهمية هذه الصلاة


الشرح