وقوله
تعالى: ﴿لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا﴾
[البقرة: 104]. هذا نهي، نهي عن قول هذه الكلمة. و ﴿رَٰعِنَا﴾ مأخوذة من المراعاة ﴿لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا﴾لا تقولوا
للرسول: راعنا.
وذلك
لأنه لما سمع اليهود هذه الكلمة التي يقولها الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم؛
استغلوها لمعنى سيئ، فاليهود عندهم لهذه الكلمة معنى آخر وهو الرعونة، أنها مأخوذة
من الرعونة وهي الخِفَّة والسَّفَه، فكانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم:
راعنا. بمعنى أن الرسول فيه رعونة فيه سفه، وفرحوا بذلك وصاروا يضحكون من هذه
الكلمة؛ لأنهم يقصدون بها معنى سيئًا.
والله
سبحانه وتعالى نهى المؤمنين أن يقولوا هذه الكلمة؛ ليسد الطريق على اليهود،
وأرشدهم أن يستبدلوها بكلمة ﴿ٱنظُرۡنَا﴾﴿وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا﴾ [البقرة:
104] بدل ما تقولوا: ﴿رَٰعِنَا﴾فيستغل
اليهود هذه الكلمة؛ لأنها تحتمل معنى آخر غير ما يقصده الصحابة.
فالله
عز وجل أَمَرهم أن يقولوا بدلها كلمة لا تحتمل هذا المعنى السيئ، فقال: ﴿وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا﴾.
﴿ٱنظُرۡنَا﴾: أي: انتظر بنا حتى نفهم ونحفظ، من الانتظار،
وهو التمهُّل، كما قال تعالى: ﴿يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ
وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا﴾
[الحديد: 13] أي: انتظِرونا، ﴿نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ﴾
[الحديد: 13]، وقال سبحانه: ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ
أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ﴾
[البقرة: 210]، أي: ما ينتظرون إلا أن يأتيهم الله عز وجل يوم القيامة.
فـ ﴿ٱنظُرۡنَا﴾من معناها: انتظِر بنا وتمهل حتى نفهم ونحفظ عنك. وهذا من حرصهم على تلقي التعليم من الرسول صلى الله عليه وسلم، يريدون ألا يفوتهم شيء مما يقوله صلى الله عليه وسلم إلا وقد فهموه وحفظوه.