×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

هذه الكلمة ﴿ٱنظُرۡنَالا تحتمل ما يريده اليهود من المعنى السيئ، فهذا فيه سَدٌّ للوسائل المفضية إلى المحظور، فإذا كانت الكلمة تفضي إلى محظور فإنها تُمنع وإن كانت في أصلها جائزة. فالشيء المباح إذا كان يُفضي إلى محرم؛ فإنه يُنهى عنه سدًّا للوسيلة وسدًّا للطريق.

وهذا كثير في الشريعة - يعني سدَّ الوسائل التي تفضي إلى الحرام-.

من ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدۡوَۢا بِغَيۡرِ عِلۡمٖۗ [الأنعام: 108]، فالله نهى المسلمين أن يسبوا آلهة المشركين، وإن كان سب آلهة المشركين أمرًا مشروعًا، ولكن إذا كان يفضي إلى محرم وإلى ضرر أعظم فإنه يُنهى عنه. فهذا فيه سد الوسائل.

وكما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند القبور، وإن كان المصلي يصلي لله، لكن لا يصلي عند القبر؛ لأن هذا وسيلة إلى عبادة الموتى. فنهى عن الصلاة عند القبور مع أن الصلاة مشروعة، لكن لا يُصلى في هذا المكان؛ لأنه يفضي إلى الشرك.

وكذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لأن المشركين كانوا يسجدون لها عند طلوعها وعند غروبها، فنُهي المسلمون أن يُصَلُّوا في هذا الوقت سدًّا لوسيلة الشرك.

وهذا كثير في الشريعة، ومن ذلك هذه الآية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرۡنَا [البقرة: 104].

وفي الآية أيضًا أن مَن نهى عن شيء فإنه يأتي بالبديل الصالح، فالله لما نهى عن قول: ﴿رَٰعِنَاأتى بالبديل الصالح وهو: ﴿ٱنظُرۡنَا [البقرة: 104]. 


الشرح