وهذا
شيء معلوم في شرائع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، من ناحية الحلال والحرام
والأمر والنهي.
أما
العقيدة فهي واحدة، وهي عقيدة الرسل، لا يدخلها نسخ، عقيدة التوحيد عقيدة واحدة،
كما قال عز وجل: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن
قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ
أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]. وكما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النَّحل: 36]. وعبادته تكون بما
شَرَّع في كل زمان بحَسَبه؛ ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الأَْنْبِيَاءُ
إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ: دِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى»([1]).
الدِّين يعني دين التوحيد والعقيدة. أما الشرائع -وهي الأوامر والنواهي- فإنها
تختلف باختلاف احتياج كل أمة.
وهذا
شيء معلوم، أن العقيدة عقيدة واحدة، من أول الخلق إلى آخرهم. وأما الشرائع في
الحلال والحرام والأمر والنهي، فهذا يختلف من حين لآخر بحَسَب احتياج الخلق.
إلى
أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم وبَعَثه الله عز وجل بشريعة الإسلام، وهي الشريعة
التي نَسخت ما قبلها. وشريعة الإسلام التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
هي آخر الشرائع، ولا تُنسخ إلى أن تقوم الساعة؛ لأنها صالحة لكل زمان ومكان،
ومتكاملة منذ بَعَث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة.
وهذه
الشريعة صالحة لكل الأجيال ولكل الأمم.
ولما
كان اليهود ينكرون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يعترفون بها، أنكروا النسخ،
وقالوا: لا يمكن أن يقع في شرع الله نسخ!!
وذلك من أجل أن يبطلوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، هذا هو غرضهم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3443)، ومسلم رقم (2365).