وإلا
فهم يَعرفون أن النسخ حق، وأنه موجود في كتبهم، وموجود في شرائع الأنبياء. يعرفون
هذا، ولكنهم قوم يجحدون، وهدفهم هو إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فأنكروا
النسخ ليتوصلوا إلى هذا الغرض، وهو الكفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، هذا هو
غرضهم، مع علمهم بأن النسخ واقع، وجائز، وهو موجود في شريعتهم، يعلمون هذا يقينًا.
وهذا من جملة عنادهم وكفرهم بالله عز وجل وتكبرهم، وحسدهم لهذه الأمة.
قال
الله عز وجل: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ
أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَيۡرٖ مِّنۡهَآ أَوۡ مِثۡلِهَآۗ﴾
[البقرة: 106]. فأخبر سبحانه وتعالى أنه يَنسخ ما شاء من شرعه لمصالح
عباده.
·
والنسخ له معانٍ في اللغة:
يطلق
النسخ ويراد به النقل، تقول: نسختُ الكتاب. إذا نقلتَ ما
فيه.
ويطلق
النسخ ويراد به الإزالة، إزالة الشيء، كما تقول: نسختِ
الشمسُ الظِّل. أي: أزالته.
ويطلق
النسخ ويراد به الإبطال، إبطال الشيء، كما قال تعالى: ﴿فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلۡقِي ٱلشَّيۡطَٰنُ ثُمَّ يُحۡكِمُ ٱللَّهُ
ءَايَٰتِهِۦۗ﴾ [الحجَّ: 52]، ينسخ: يعني يُبطل ما
يلقيه الشيطان من الوساوس. وينسخ الأفكار الخبيثة والأقوال الباطلة، بمعنى أنه
يبطلها.
والمراد
من هذه المعاني في هذه الآية: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ﴾ [البقرة:
106] المراد منه النَّقل، أن الله ينقل الحكم الشرعي إلى حكم آخر.
ومِن ثَم قال العلماء في تعريف النسخ: إنه نَقْل حكم إلى حكم آخر، بدليل شرعي متأخِّر. هذا هو تعريف النسخ عند الأصوليين.