إذًا فالمراد بقوله تعالى: ﴿مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَايَةٍ﴾أن
الله يَنسخ بعض آيات القرآن بآيات أخرى، وهذا موجود في القرآن.
وهو
على أنواع:
النوع
الأول: النسخ للَّفظ والمعنى، فيَنسخ الله الآية لفظها
ومعناها، فلا تُقرأ ولا يُعمل بها. وهذا مثل ما حصل في سورة الأحزاب.
قال
العلماء: إن سورة الأحزاب كانت مثل سورة البقرة في الطول، ثم
نَسَخ الله منها ما شاء، فلا يُقرأ ولا يُكتب ولا يُعمل به. فبقيت السورة على ما
هي عليه الآن.
ومنه
حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ
الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِك
بِخَمْسٍ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ» ([1]).
فكان
الرَّضاع المُحرِّم في الأول عشر رضعات، هذا نصاب الرَّضاع المُحرِّم في الأوَّل،
ثم نُسخ ذلك وجُعل خمس رضعات، واستقر الأمر على ذلك، ومات النبي صلى الله عليه
وسلم والأمر على ذلك. فهذا نسخ للفظ والمعنى.
النوع
الثاني: نَسْخ للفظ فقط، مع بقاء المعنى والعمل به، فينسخ لفظه
ولا يُتلى، لكن يُعمل به، فالحكم باقٍ، واللَّفظ قد نُسخ.
وهذا يُمثِّلون له بآية الرجم، كان الرجم مذكورًا في القرآن: «والشَّيخ والشَّيخة إذا زَنَيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم».
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1452).