كانت هذه آية من القرآن،
ثم نُسخ لفظها فصارت لا تُكتب في المصحف ولا تُتلى، ولكنَّ حكمها باقٍ وهو الرجم،
كما قال عمر رضي الله عنه: «كَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ،
قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَإنِّي أَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ
يَقُولوا: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ الله، إِلاَّ إِنَّهُ كَانَ فِي
كِتَابِ اللهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجَم، وَرَجَمْنَا» ([1]).
فالحكم باقٍ وهو الرجم، وجاء الرجم في السُّنة المتواترة عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
النوع
الثالث: نَسْخ للحكم مع بقاء اللفظ يُقرأ ويُتلى.
وذلك
مثل قوله تعالى: ﴿كُتِبَ
عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ
وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ﴾ [البقرة: 180].
ثم
نَسخ الله ذلك بآية المواريث، جعل الله للوالدين الميراث بدل الوصية، فآيات
المواريث التي في سورة النساء ناسخة لقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا
ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ﴾.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - قَدْ
أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»([2]).
فالآية تتلى ومكتوبة في المصحف، لكن حكمها منسوخ.
كذلك في قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ﴾ [البقرة: 240]. كانت عِدَّة الوفاة في أول الإسلام سَنة كاملة. ثم إن الله نَسخ ذلك بقوله تعالى في الآية التي قبلها: ﴿وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗاۖ﴾ [البقرة: 234]. فحَوَّل الله عِدَّة المُتوفَّى من سَنة إلى أربعة أشهر وعشر.
([1]) أخرجه: البخاري (6829)، ومسلم رقم (1691).