×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

لكن قد يُؤثِّرون في بعض المسلمين، وقد يدركون مقصودهم من بعض المسلمين.

لكن أن يتمكنوا من إزالة الإسلام أو يتمكنوا من صرف المسلمين جميعًا عن دينهم، فهذا مستحيل؛ لأن الله تعالى تكفَّل بحفظ هذا الدين، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ [الحجر: 9]، وقال سبحانه: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ [التوبة: 33].

الله جل وعلا لما ذكر للمسلمين مكيدة اليهود والنصارى، وأنهم يريدون صرفهم عن دينهم، قال تعالى قابلوا هذا بالعفو والصفح: ﴿فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ [البقرة: 109].

وكان هذا قبل أن يُفرض الجهاد، فالمسلمون مأمورون بكفِّ أيديهم، والعفو عن اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار، وعدم الالتفات إليهم أو الاهتمام بكيدهم.

﴿وَٱصۡفَحُواْ [البقرة: 109]: والصفح معناه: ترك العقوبة، أي: لا تعاقبوهم. هذا في فترة أول الإسلام، لما كان المسلمون قلة، وكان المشركون والكفار كثرة، وكان بأيديهم قوة، الله أَمَر المسلمين بأن ينتظروا ولا يتعجلوا في معاقبة الكفار والرد عليهم بالمِثل.

﴿حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ [البقرة: 109]: أي: حتى يَشرع الله لكم - أيها المسلمون - ما تَرُدون به على كيد هؤلاء، وأن تتمكنوا من رد كيدهم في نحورهم، وذلك إذا صار للمسلمين قوة يستطيعون بها الرد على أعدائهم؛ لأن كون المسلمين يَرُدون على الكفار ويقاتلون الكفار والمسلمون قلة وليست في أيديهم قوة؛ هذا يجرُّ على المسلمين ضررًا وبلاءً.


الشرح