أي: لو أقاموا التوراة
والإنجيل على ما جاء فيهما من الحق وتَرْك الباطل، ومن ذلك الإيمان بمحمد صلى الله
عليه وسلم، والإيمان بعيسى عليه السلام.
﴿وَهُمۡ يَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۗ﴾ [البقرة: 113] فهذا فيه أن أي خلاف يكون بين الناس لا
يفصله ولا يحكم فيه إلا بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا
بالقوانين الوضعية والأنظمة البشرية.
وهذا
ليس خاصًّا باليهود والنصارى، فقوله: ﴿وَهُمۡ
يَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۗ﴾هذا
عام لهذه الأمة أيضًا، إذا اختلفوا فعليهم أن يرجعوا إلى الكتاب الذي يتلونه في كل
وقت؛ فإن الله إنما أنزل الكتب لهداية الناس فيما اختلفوا فيه، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ
فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ﴾ [البقرة: 213].
ثم
قال تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ
لَا يَعۡلَمُونَ مِثۡلَ قَوۡلِهِمۡۚ﴾ [البقرة:
113].
﴿قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ﴾وهم
الكَفَرة الأُمِّيُّون الذين ليس لهم كتاب من أهل الجاهلية: من المشركين
والوثنيين، قالوا مثل قول اليهود، يُكفِّر بعضهم بعضًا، وكل منهم يقول: «ليست
القبيلة الفلانية» أو«ليست الطائفة الفلانية» ليست على حق، وليست على شيء.
﴿كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ﴾
[البقرة: 113]، وهم المشركون والوثنيون الذين ليس لديهم كتاب، مثل قول
اليهود والنصارى، فكل طائفة تُكفِّر الأخرى كما عليه أهل الجاهلية من العرب وغيرهم
قبل بَعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
فالعرب يُكفِّر بعضهم بعضًا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكل قبيلة وكل طائفة لهم معبود يعبدونه ويختص بهم، وكل طائفة تُكفِّر الطائفة الأخرى، وتنسى الكفر الذي عندها.