×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

إذًا صار اليهود والنصارى - وهم أهل الكتاب - مثل أهل الجاهلية - والعياذ بالله -، وجود الكتاب عندهم لم يُفِدْهم، صاروا مثل الذين ليس لهم كتاب، ﴿كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ مِثۡلَ قَوۡلِهِمۡۚ [البقرة: 113].

قال الله عز وجل: ﴿فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ [البقرة: 113]. هذا وعيد شديد لهم، يتوعدهم الله عز وجل بأن الحكم عليهم عنده يوم القيامة، وأنهم لن يُتركوا على ما هم عليه في الدنيا، بل لا بد من يومٍ يقفون فيه بين يدي الله فيحكم بينهم، ويبين من هو الذي على الحق، ومن هو الذي على الباطل، ويجازي كلًّا بعمله، هذا هو الحكم الجزائي عند الله سبحانه وتعالى.

فالله سبحانه وتعالى حَكَم بين الناس في الدنيا بإنزال الكتب وإرسال الرسل، وهذا هو الحكم القضائي. ويحكم بينهم يوم القيامة إذا وقفوا بين يديه، يحكم بينهم بحكمه العدل، ويجازيهم بالجزاء الأوفى، ولا يظلم سبحانه وتعالى أحدًا.

فهذا فيه وعيد شديد على أهل العصببيات والحزبيات والمذاهب الباطلة، الذين بَقُوا على ضلالهم، ولم يرجعوا إلى كتاب الله، ولا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمسكوا بأنظمتهم، أن الله عز وجل يحكم بينهم يوم القيامة فيجازيهم بأعمالهم، وأن هذا الاختلاف الذي وقع في الدنيا وهذا الهوى الذي اتُّبع في الدنيا؛ يُسجَّل عليهم. وإذا جاءوا يوم القيامة فإن الله عز وجل يحكم بحكمه العدل، ويجازي كلًّا بعمله.

فيجب على العباد: أن يخافوا من هذا اليوم، وأن يتركوا العصبيات الجاهلية، وأن يتركوا النزاع والاختلاف الذي يؤدي إلى الخروج عن حكم الله سبحانه وتعالى والخروج على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء


الشرح