وكان
مِنْ شكر الله له على ذلك أن بشَّره بولدٍ آخر، كما قال: ﴿وَبَشَّرۡنَٰهُ بِإِسۡحَٰقَ نَبِيّٗا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ﴾
[الصافات: 112]. هذا جزاء له على ما قام به مِنِ امتثال أمر الله سبحانه
وتعالى، فسَلِمَ ولدُه من الذبح وامتثل أمر ربه، وحصل على الأجر، وزيادةً على ذلك
أعطاه الله ولدًا آخر وهو إسحاق عليه السلام، ﴿وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ﴾ [هود: 71]، هذا بعد الامتحان والصبر،
والثبات. مَنْ سيقدم على ذبح ابنه الذي ليس له غيرُه إلا مَنْ هو واثق بربه عز
وجل، يُؤْثِر محبة الله على محبة الابن، هذا هو الإيمان، ولذلك قال الله له: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ﴾
[البقرة: 124] أي: قدوةً في الخير، وداعية إلى الخير وإلى الجنة.
وهذا
مقام عظيم أن الله أعطى إبراهيم عليه السلام إمامة الناس؛ بأنْ يكونَ قدوة
للمسلمين إلى يوم القيامة، قدوة لأهل الخير، فالإمام معناه: القدوة الذي يُقتدَى
به في الخير ويحصل له مِنَ الأجر مثل أجور مَن اقتدى به، ومَنِ اتبعه إلى يوم
القيامة. هذا فضل الله يؤتيه مَنْ يشاء، لكنْ ما حصل هذا إلا بعد الابتلاء، والامتحان،
والصبر، والثبات، وتقديم طاعة الله سبحانه وتعالى.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
والحمد لله ربِّ العالمين.
***
الصفحة 7 / 533