×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿مَا كَانَ إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّٗا وَلَا نَصۡرَانِيّٗا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفٗا مُّسۡلِمٗا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [آل عمران: 67].

ثم قالوا بعد ذلك: ﴿نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ [المائدة: 18]. قالت اليهود والنصارى: ﴿نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ، ﴿وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥأي: المختصون بكرمه وإحسانه والقرب منه سبحانه وتعالى، ونحن أحبابه يحبنا ونحبه، والحق معنا وحدنا، والأنبياء منا، ونحن قبل المسلمين، أنبياؤنا قبل محمد صلى الله عليه وسلم، وديننا قبل دين محمد، فنحن مختصون بالله عز وجل دون المسلمين.

هذا مِنْ جملة دعاويهم الباطلة؛ لأنهم زعموا أنهم مختصون بالله دون غيرهم من البشر، فقالت اليهود: نحن شعب الله المختار. فردَّ الله عز وجل عليهم بقوله: ﴿قُلۡ [البقرة: 139] يا محمد، فالخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، ﴿أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ [البقرة: 139] ﴿أَتُحَآجُّونَنَا: تجادلوننا في الله، وتزعمون أنكم مختصون بالله دوننا، وأنكم عباد الله المقربون دوننا، ﴿أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ.

ربُّ الجميع هو سبحانه رب العالمين، ليس ربًّا لليهود فقط، ولا للنصارى فقط، وإنما هو رب العالمين، ربوبية عامة لجميع المخلوقات، وربوبية خاصة للمؤمنين؛ لأنه يهديهم ويصلحهم ويعينهم، ويسددهم. ربوبية خاصة للمؤمنين مِنْ جميع الأجناس لا مِنْ جنس اليهود، ولا مِنْ جنس النصارى، ولا من أي جنس، بل إنه سبحانه ربٌّ لجميع عباده المؤمنين ربوبية خاصة، ورب لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم ربوبية عامة، ﴿وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ [البقرة: 139]، وإذا كان ربنا وربكم فلا يحصر الفضل فيكم دوننا، بل يعطينا مِنْ فضله سبحانه وتعالى كما أعطاكم.


الشرح