×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فضل الله لا يتحجره أحد، ولا يختص به أحد، فضل الله يؤتيه مَنْ يشاء؛ ﴿ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ [الجمعة: 4]، فليس فضلُ الله مختصًّا باليهود، وليس مختصًّا بالنصارى، إنما فضل الله يؤتيه مَنْ يشاء مِنْ عباده سبحانه وتعالى، ويصطفي الرسل مِنْ عباده، سواءٌ مِنْ بني إسرائيل أو مِنْ غيرهم، الرسالة لا تختص ببني إسرائيل، الأنبياء لا يختصون ببني إسرائيل، بل اللهُ جل وعلا يختار مِنَ الناس مَنْ هو أهل لرسالته، وهو أعلم حيث يجعل رسالته سبحانه وتعالى.

﴿وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ [البقرة: 139]، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ [العنكبوت: 46]، وهو ربنا وربكم، ليس ربًّا لكم خاصًّا بكم وإنما هو رب الجميع، فكما أنه اختار مِنْ بني إسرائيل أنبياء فإنه اختار من العرب نبيًّا هو محمدٌ صلى الله عليه وسلم.

﴿وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ [البقرة: 139] فالمسألة ليست مسألة عنصرية، وليست مسألة تحجر لفضل الله عز وجل، بل كلٌّ يجازى بعمله، أنتم تجازون بأعمالكم، ونحن نجازى بأعمالنا، فليس عملكم ينفعنا، وليس عملنا ينفعكم، بل كلٌّ له عمله.

﴿وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ [البقرة: 139]، فالمدار على العمل وليس المدارُ على الانتساب والانتماء والعصبية، وإنما المدارُ على العمل، فانتسابكم للأنبياء، وقولكم: نحن أولاد الأنبياء. هذا لا ينفعكم شيئًا إذا لم تعملوا عملاً صالحًا، وكذلك نحن انتسابنا لمحمد صلى الله عليه وسلم لا ينفعنا إذا لم نتبعه ونعمل عملاً صالحًا.


الشرح