×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم نَظَّم الجيش في وقعة أحد، وجعل جماعةً مِنَ الرماة على جبلٍ خلف ظهور المسلمين ليحموا ظهور المسلمين، فلما دارتِ المعركةُ بين المسلمين والكفار انتصر المسلمون في أول المعركة؛ ﴿وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ [آل عمران: 152]، ﴿تَحُسُّونَهُم، يعني: تقتلونهم.

وذلك أن الرماةَ الذين على الجبل قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتركوا الجبل سواءٌ انتصرنا أو هُزِمنا. فلما رأوا المسلمين انتصروا وصاروا يجمعون المغانم قالوا: ننزل. يظنون أن المعركة انتهت، قالوا: ننزل ونساعد إخواننا في جمع الغنائم. فقال لهم قائدُهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه: أليس الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال: لا تتركوا الجبل سواءٌ انتصرنا أو هزمنا. لكنهم نزلوا وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. فعند ذلك دار الكفار مِنْ وراء الجبل ووجدوه خاليًا، وانقضوا على المسلمين مِنْ خلف ظهورهم، فوقع المسلمون بين الكفار مِنَ الخلف والأمام، دارت المعركة مِنْ جديد، واستشهد مِنَ المسلمين سبعون شهيدًا مِنْ خيارهم، وشجَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وكُسِرت رَبَاعِيَتُهُ صلى الله عليه وسلم ووقع في حفرة.

كل ذلك بسبب هذه المعصية التي حصلت مِنْ بعض أصحابه، وهي مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، إذًا ما عندنا مِنَ المخالفات الآن، ونقول: لماذا لا تنتصر هذه الأمة على اليهود؟! ننتصر على اليهود بالكلام! لا ننتصر على اليهود إلا بالإيمان والتوحيد والتمسك بهذه الوسطية التي اختارها الله لنا.


الشرح