كما
قال تعالى: ﴿فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن
كُلِّ أُمَّةِۢ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا﴾
[النساء: 41]. وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَيَوۡمَ
نَبۡعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدًا عَلَيۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ
شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِۚ﴾ [النحل: 89]. وكما في قوله سبحانه:
﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ﴾
[آل عمران: 110].
هذه
الأمة هي خير الأمم، لماذا؟ لنسبها؟ لا، للسانها؟ لا؛ بل لأنها تأمر بالمعروف
وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله؛ لهذه الصفات استحقت أن تكون خيرَ أمة أُخرجت للناس،
فهذه الآية فيها فضلُ هذه الأمة، ومكانتُهَا بين الأمم، ومكانتُها عند الله سبحانه
وتعالى.
ولهذا
مكَّن الله لها في الأرض، وأظهر دينها على الدينِ كلِّه، حتى بلغ المشارق
والمغارب، وحتى حكموا الفرس والروم وجميع أمم الأرض، لما كانوا قائمين على هذه
الوسطية، ومتمسكين بهذه الخيرية، ولكن لما حصل في الأمة الخللُ وتنكَّر كثيرٌ منها
للدين؛ أنزل الله بها ما تَرَوْن مِنَ الذل.
نحن
مسلمون، فلماذا يتغلب الكفارُ علينا؟ لماذا يتغلب اليهودُ على المسلمين في فلسطين،
ويغتصبون البلاد المقدسةَ والمسجدَ الأقصى؟! لماذا ونحن مسلمون وهم كفار؟ يستغربون
هذا ولكن لا يحاسبون أنفسهم، وينظرون في خللهم.
فإن الصحابة وهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، لما عصى بعضُهم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أنزل اللهُ بهم النكبة في وقعة أحد، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [آل عمران: 165] أنتم السبب؛