×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

﴿وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ [البقرة: 149]: هذا فيه اهتمامٌ بالعمل، وأنَّ مَنْ عَرَف الحقَّ والتفت إلى غيره أو رفضه فإنَّ الله سبحانه وتعالى يعلم هذا، ولن يهمله، لن يهمله الله عز وجل، لا بدَّ مِنْ حسابه، ولا بدَّ مِنْ مجازاتِهِ يوم القيامة أو في الدُّنيا.

الله عز وجل رقيبٌ على عباده يرى أعمالهم، ويعلم ما في قلوبهم، فليس اللهُ بغافلٍ عنهم، ولا يغيبون عن الله سبحانه وتعالى.

﴿وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ [البقرة: 149]، هل تقبلون هذا الحقَّ، أم تعرضون عنه؟ الله ليس بغافلٍ عنكم.

فهذا فيه: وجوبُ العمل بالعلم، ووجوبُ العمل بالحقِّ، وترك ما سواه. أما الذين يتعلَّمون العلم ولا يعملون به فهؤلاء إنَّما يحملونه حجَّةً عليهم يوم القيامة، قال تعالى: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ [الجمعة: 5].

هذا مثل الحمار الذي يحمل الكتب ولا ينتفع منها، كذلك العالم الذي يعرِف الحقَّ ويعرِف العلم لكنَّه لا يعمل به؛ مثل الحمار الذي يحمل الكتب ولا يستفيد منها شيئًا، وإنَّما يستفيد منها التَّعب في حملها.

ثمَّ قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنۡ حَيۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ [البقرة: 150]. هذا تَكْرار، ثلاث آياتٍ فيها الأمر بالتَّوجُّه إلى المسجد الحرام: بالصَّلاة والدُّعاء والاستقبال، ثلاث آيات:

الأولى: في قوله سبحانه وتعالى: ﴿قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ [البقرة: 144].


الشرح