الجميع
يتوجَّهون إلى الكعبة: إما عينًا وإما جهةً.
والقول
الثَّالث قريب من القول الثَّاني، يقولون:
الآية
الأولى: في أهل مكَّة، يجب عليهم أن يستقبلوا عين الكعبة.
الآية
الثَّانية: في أهل الأمصار غير أهل مكَّة، أهل البلدان الأخرى غير
أهل مكَّة.
والآية
الثّالثة: في المسافرين الذين هم في البراري، الذين هم في
البرِّ، فيجب عليهم أن يتوجَّهوا صوب الكعبة، إلى الجهة التي فيها الكعبة.
والأقوال
متقاربة ليس بينها اختلافٌ، والحمد لله.
فمَنْ
كان يرى الكعبة فإنَّه يجب عليه أن يستقبل عين الكعبة، ولا ينحرف عنها يمنةً ولا
يسرة، ومَنْ كان لا يرى الكعبة فإنَّه يستقبل الجهة التي فيها الكعبة؛ لأنَّ هذا
منتهى وسعه، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ
وَالمَغْرِبِ قِبْلَةٌ»([1]).
وهذا
كلام العلماء، يقولون: مَنْ كان يرى الكعبة فإنَّه يجب عليه أن يقصدَهَا ولا يميل
عنها، ومَنْ كان لا يراها فإنَّه يستقبل الجهة التي هي فيها، وحتَّى لو لم يصادف
عينها فصلاته صحيحة؛ لأنَّ هذا منتهى وسعه ومقدرته، والله عز وجل لا يكلِّف نفسًا
إلاَّ وسعها، فإذا استقبل الجهة التي فيها الكعبة وهو لا يراها فإنَّ هذا يكفيه،
والحمد لله.
ثمَّ قال سبحانه وتعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيۡكُمۡ حُجَّةٌ﴾ [البقرة: 150]: استقبلوا الكعبة أيُّها المسلمون. يا أمَّةَ محمَّدٍ، استقبلوا الكعبة لئلاَّ يحتجَّ عليكم النَّاس، فلو لم تستقبلوا الكعبة لاحتجَّ عليكم النَّاس.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (342)، وابن ماجه رقم (1011)، وابن أبي شيبة رقم (7440).