أن
المؤمنَ يتبع أوامر الله سبحانه وتعالى، ولا يقول: لماذا... ولماذا... ؟ ولا يعترض
على أمر الله سبحانه وتعالى. فأهل الإيمان مِنْ صحابة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ما حدث عندهم أي إشكال، وإنما بادروا إلى امتثال أمر الله والتوجه إلى
الكعبة، والتحول عن استقبال بيت المقدس.
فالله
سبحانه وتعالى ذكر هذه الآياتِ الكثيرةَ في هذا الموضوع لإزالة الشبهات، وهذه
التشكيكات التي حصلت مِنْ أهل الكتاب، ومن المشركين، ومن المنافقين. ومِنْ ذلك أن
الله وصف هذا بأنه الحق، قال تعالى: ﴿ٱلۡحَقُّ
مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ﴾
[البقرة: 147].
﴿ٱلۡحَقُّ﴾: استقبال الكعبة هذا هو الحق الذي
لا شك فيه؛ لأن الكعبةَ بيت الله عز وجل، وبيت المقدس بيت الله عز وجل، والله عز
وجل هو الذي يأمر وينهى، ولا اعتراض عليه سبحانه وتعالى في ذلك، فالمؤمن يدور حيث
دار أمر الله سبحانه وتعالى. فجميع الجهات مِنَ المشرق والمغرب كلها مِلكٌ لله
سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ
فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ﴾
[البقرة: 115]. قال تعالى: ﴿لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن
تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ
مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ﴾ [البقرة:
177]. آمَنَ بالله، وتَوَجَّه حيث وجهه الله سبحانه وتعالى.
﴿ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾ [البقرة:
147] أي: مِنَ الله عز وجل، لم يأتِ هذا الأمر مِنْ عند غير الله حتى يكون مجالاً
للتردد، وإنما هو آتٍ مِنْ عند الله عز وجل، فلا مجال للتردد فيه.
﴿ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وإضافته إلى الرب سبحانه وتعالى مِنْ باب التعظيم لهذا الأمرِ، ومِنْ باب أن الله سبحانه وتعالى ربنا يختار لنا ما فيه مصلحتنا، وما فيه تربيتنا؛ لأنه ربُّنا، فالله يختار لرسوله صلى الله عليه وسلم ولأمته