ما
فيه خيرُهُم وصلاحُهُم وفلاحُهُم؛ لأنه ربُّهم وخالقهم ومتولي شئونهم، فلا اعتراض
عليه سبحانه وتعالى، ولهذا قال تعالى: ﴿فَلَا
تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ﴾ [البقرة:
147].
لا
يكون عندك شكٌّ، الامتراء هو الشك والتردد، لا تتأثر بأقوال هؤلاء، أو تلتفت إلى
شبهاتهم؛ لأنك على الحق، وما دام الإنسان على الحق فإنه لا يتزحزح عنه مهما قيل،
ومهما شُوّش عليه، مهما لُبّس؛ فإن المؤمن إذا عَرَف الحق فإنه لا يبغي به بديلاً،
ولا يلتفت إلى أقوال الناس.
وهذه
قاعدة عظيمة في الإسلام: أن الإنسان إذا تبين له الحق فليس
هناك مجالٌ للتردد في قَبُوله، وترك ما سواه مِنَ الأقوال مهما كان مصدرها، سواءٌ
كانت صادرة عن علماءٍ، أو عن جهالٍ، أو عن أعداءٍ، أو عن أصدقاءٍ، لا مجال لقولٍ
غير قول الله سبحانه وتعالى، وقولِ رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: أجمع المسلمون على أن مَنِ استبانت له سنةُ رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يكنْ له أن يدعَهَا لقول أحد. هذه قاعدةٌ عظيمة أن
المدار على اتباع الحق، وترك الباطل.
قال
تعالى: ﴿ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ
فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ﴾ [البقرة:
147]، الرسول صلى الله عليه وسلم ليس عنده ترددٌ، وليس عنده ريبٌ ولا شكٌّ، وإنما
هذا تعليم للأمة، ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ﴾،
هذا تعليم للأمة أنها يجب عليها اتباع الحق، ولا تلتفت إلى أقوال الناس مهما كانت
هذه الأقوال ومهما كان مصدرها؛ فإنها لا تُعْتَبَر بجانب الحق مِنَ الكتاب والسنة.
﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ﴾:
في هذا الأمر؛ لأنه مِنْ ربِّك وهو الحق، فماذا بَقِيَ حينئذٍ للشكوك والأوهام، ما
بَقِيَ لها مجال.
وهذا الحقُّ ليس به خفاء *** فدَعْنِي مِنْ بُنَيّات الطريق