إِلاَّ
لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ
أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»([1]).
فالمؤمن
يشكر عند الرَّخاء ويصبر عند الابتلاء، هذا المؤمن، أمَّا غيرُ المؤمن فإنَّه يبطر
ويتكبَّر عند النِّعم، ويجزع ويتسخَّط عند النِّقم، فهو آثمٌ في كلا الحالتين:
حالة كفره بالنِّعم، وحالة جزعه وعدم صبره عند النِّقم.
وفي
هذه الآية يقول الله جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [البقرة:
153]، هذا خطاب للمؤمنين؛ لأنَّ المؤمنين هم أهل الامتثال، والإيمان صفة عظيمة
يمنُّ الله بها على مَنْ يشاء مِنْ عباده، ﴿بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن
كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ﴾ [الحجرات:
17].
والإيمان:
هو التَّصديقُ الجازم بما جاء عن الله ورسوله، ثمَّ العمل بما جاء عن الله ورسوله
صلى الله عليه وسلم، كما قال أهل السُّنَّة والجماعة: الإيمان قولٌ باللِّسان
واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بالطَّاعة وينقص بالمعصية. هذا هو الإيمان،
وأهل هذا الإيمان هم الذين يناديهم الله جل وعلا بهذه الصِّفة الكريمة؛ لأنَّهم
أهل الامتثال.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ﴾ [البقرة:
153]، هذا أمرٌ مِنَ الله جل وعلا لأهل الإيمان بالصَّبر، بالاستعانة بالصَّبر
والصَّلاة، إذا نزلت بهم شدائدُ ومصائبُ فإنَّهم يستعينون عليها بهاتين العبادتين:
الصَّبر والصَّلاة.
والصَّبر معناه في اللُّغة: الحبس، والمراد به هنا: حبسُ النَّفس عما يضرُّ، وقسَّمه العلماء إلى ثلاثة أقسام: صبرٍ على طاعة الله، وصبرٍ عن محارم الله، وصبرٍ على أقدار الله المؤلمة. هذه أركانُ الصَّبر.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2999).